توالت جهود الفقهاء المتقدمين في التصنيف الفقهي, وتيسيره للمكلفين و الدارسين, فتعددت لذلك وجوه صياغة الفقه, ثم سعى المتأخرون في تجديدها وتطوير مباحثها, وإضفاء الحيوية على مسائلها, عن طريق جمع فروع الفقه وجزئيات الأحكام في قوالب الأصول والكليات وتطبيقها على الأشياء المتجددة صورها المتفرعة في معانيها فانتظم كل ذلك تحت مسمى "النظريات الفقهية".

ولقد اتسعت تواليف المعاصرين في كتابة "النظريات الفقهية", والتي تراعى فيها اجتماع الفروع الفقهية التي تشترك في مباحث النظرية, تسهيلا لمعرفة أحكامها, في سبيل تيسير الانتفاع بالفقه كمصدر تشريعي, وتقريبه للمكلفين في شتى الميادين, وبالأخص للقائمين على سن القوانين والتشريعات المختلفة, بغية التعريف بالتشريع الإسلامي و إثبات صلاحيته في البناء الحضاري.

   ومن ذلك ما سنتدارسه في مقياس " نظريات فقهية وقانونية" من أجل إبراز أحكام الشريعة الغراء, ومقارنتها مع النظريات حقوقية, ليظهر التميز في أحكام الشريعة, ولإثبات أن فيها ما يصلح لمواكبة التطور الحضاري الغربي, بل ما يتفوق عليه, ويدحض الإدعاء بعدم صلاحيتها للتطبيق.